الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة في الذكرى 95 لانبعاثه: حتى لا تحجب شموع عيد الميلاد بقاع الظلام في الترجي

نشر في  15 جانفي 2014  (12:02)

قبل نحو 95 سنة من الأن، بعثت جمعية الترجي الرياضي التونسي الى الوجود من قبل عدة شخصيات ذات ولع بالرياضة وبكرة القدم على وجه الخصوص أيام الاستعمار الفرنسي، ومنذ ذلك التاريخ الى الأن طفت عدة متغيّرات على الساحة جعلت لون الترجي يتغير ليستقرّ على الأحمر والأصفر..لكن التسمية والمكانة ظلت هي نفسها ليبقى فريق باب سويقة هو شيخ الأندية التونسية وأعرقها... وبعيدا عن الخطابات الشعبوية والشعارات الجوفاء التي يعتمدها البعض لتأريخ موعد بعث الترجي الى النور، فان عدة معطيات تفرض نفسها وسط عالم مليء بالمتقلّبات والمتغيرات لكن عشق الأحباء للترجي ظل وحده معيارا لمعرفة حالة التطور والتدرج في "المكشخة"...واذا ما كان البعض سيؤشّر ب"مانشات عريضة" لتاريخ اليوم (15 جانفي) لاستقطاب الجماهير بعناوين رنّانة وتجارية بحتة على شاكلة احتفل معنا وما شابهها من المسابقات وغيرها (مع احترامنا للزملاء في مختلف هذه المؤسسات)، فان واقع الترجي وآفاقه لن يكتفيا طبعا بمجرد حصة تلفزية ستبث على شاشة قناة تونسنا لعرض بعض الأغاني أو اقتراح هدايا للأحباء على شاكلة الأقمصة وغيرها من الأساليب القديمة التي التجأت اليها الادارة الترجية حتى وان كانت لا تغني ولا تسمن من جوع... في هذا التاريخ، من المنطقي أن يكون شيخ الأندية بتونس وأكثرها عراقة وهو الذي بلغ من العمر عتيّا ويفترض هاهنا أن تكون هيئة المدب أعدّت لأنصارها مفاجآت بحجم الحدث وهي التي باتت على مشارف الاحتفال بمائوية النادي، ولكن الهدية الوحيدة قد تكون اليوم هي تقديم رود كرول كمدرب جديد بعد مسلسل مشوّق امتد على نحو ثلاثة أشهر اقتنع خلالها جميع خلق الله بأن التضليل والتمويه سيزولان باعلان كرول مدربا الا أن الهيئة واصلت التكتم والتكذيب أحيانا وظلت بلا مدرب منذ اقالة ماهر الكنزاري وها أنها تقتنص على ما يبدو اللحظة المناسبة للتغطية عن "تعديها الاخلاقي" على النادي الصفاقسي واعتماد الصبر لتهدئة الأزمة المتفجّرة في الأفق. نغلق موضوع الاطار الفني-مؤقتا- لنعود الى مشاغل أكثر التصاقا بطموحات وانتظارات الترجيين ومنها طبعا أن الجمعية أنهت العام 2012 في المركز التاسع والخمسون في ترتيب الفيفا بعد بلوغ نهائي دوري أبطال افريقيا ..غير أن الوضع الراهن وضع الترجي في المركز ال 93 حسب الترتيب الصادر منذ أسبوع وهذا ما يكشف عن تراجع ب34 مركزا مما يشعل الضوء الأحمر أمام الترجي لاعادة ترتيب البيت المرتبك والذي تناثرت أوراقه في انتظار وقفة حازمة من ادارييه حتى لا تغطّي مثل هذه الاحتفالات العابرة على مسائل حيوية لا مناص من الخوض فيها بكل دقة... أسهم اللاعبين في تراجع منذ سنة تقريبا فرّط الترجي في كل من يوسف المساكني وقبله أسامة الدراجي وجوزيف يانيك نجانغ(قبل عودة هذا الثنائي بمبالغ أرفع من خروجهما).. ومن قبل هؤلاء احترف يايا بانانا ومايكل اينرامو، غير أن المجموعة الحالية لا تضم أي اسم قادر على خوض تجربة خارجية وحتى الضجة المفتعلة حول خليل شمام ونادي ايفيان مثلا سرعان ما انكشفت للعموم..وبعيدا عن ذلك فان الملاحظ العادي يسأل عن قيمة الرصيد البشري وحقيقة الانتاج الترجي الخالص من سنة الى أخرى وعن المواهب التي "احترقت" أو بالكاد كهيثم الجويني وادريس المحيرصي وغيرهما..ولا تسل طبعا عن جيش الانتدابات التي جاء بها المدب كالنغموشي وعبود والمباركي والمهذبي وعنتر يحيى وغيرهم ممن باتوا عبئا ثقيلا ومنهم من غادر الترجي وفيهم من ظل وزرا ماديا وفنيا ثقيلا في ظل السياسة المعتمدة من حمدي المدب ومن معه... الترجي وعلاوة على خسارته كل الألقاب في فرع كرة القدم سنة 2013 وهي حقيقة مؤلمة ابتلي بها الترجيون بعد موسم سابق نال فيه الترجي أربعة ألقاب، فانه علاوة على ذلك يبدو عاجزا عن استثمار جيش اللاعبين في حديقة الرياضة ب والحال أن جميع الفريق "تعيش وتقتات" من مثل هذه الصفقات التي لا يمكن ابرامها حاليا والدليل أن الادارة تخلّت عن بعض العنماصر القادرة على تقديم الاضافة كالعواضي والعابدي والكامروني آرناست الذي اثار جدلا قانونيا، كل هؤلاء انتقلوا الى ضاحية باردو بأبخس الأثمان مقابل بقاء عناصر أخرى تحظى ب"الحصانة الادارية" حتى وان غابت جدواهم الفنيّة... المائوية وآفاق 2019 منذ فترة وظّفت الادارة الترجية بعض الأقلام والمصادح المطيعة للترويج لحكاية آفاق 2019 لاحياء المائوية وتم بعث مجموعة خاصة مهمتها الاعداد لهذه المناسبة لوجيستيا واداريا وفنيا، ولكن الى حد الساعة لم نر شيئا على أرض الواقع طالما أن السير العادي لنشاط الفريق وبرمجته لقادم السنوات لم توح بحدوث الجديد،فالترجي تخلّى عن تقاليد سابقة دأب عليها بمقارعة الكبار، كما أن الصفقات المدوية والناجحة ماديا وفنيا غابت عن سماء حديقته، وحتى الحديث عن برمجة كبيرة على المدى البعيد مع الفرنسي سيباستيان دوسابر فانها لا تبدو مضمونة النتائج والعمل، بعد الزج به كمدرب أول للفريق ووضعه في واجهة الأحداث في انتظار تحديد مهامه وصلاحياته بعد الكشف عن المدرب المنتظر بعد تشويق هيتشكوكي... وهنا لا بد من التنبيه الى الخبط والخور اللذان اتّسم بهما صنع القرار فنيا طالما أن تحديد القائمة الافريقية كان باشراف دوسابر وبتوصيات المدرب بلا حقيبة اسكندر القصري الذي اشتكى من فلسفته الكثيرون..وفي المقابل فان المدرب الجديد (بقطع النظر عن هويته) هو من سيتحمّل وزر المحاسبة لاحقا عن اختيارات لم يشترك فيها بتاتا... اشكال النزل والشبان بعيدا عن الجوانب الفنية فقد أكدت مصادر موثوقة لأخبار الجمهورية أن رئيس النادي حمدي المدب عرض مؤخرا نزل النادي للكراء بعد أن رأى فيه اثقالا لكاهل الجمعية بمصاريف اضافية مشتكيا من غياب الدعم المطلوب منه كما استفسر عن طبيعة الاعتناء بالدوليين الشبان المقيمين هنالك اذ رأى في نظام التغذية والى ما غير ذلك عوامل غير متيحة لاتمام الاهتمام بالشبان واعداهم ونشأتهم كما يجب وسط الحديث عن تجاوزات تقع تحت جنح الليل هنالك..غير أنه -وبطريقة أو بأخرى- تم اثناء المدب عن صنيعه بعد أن أشهر عصاه تجاه بعض المحيطين بدائرة القرار والحال أن نزلا كذلك تعتمده عدة نواد عالمية لتقوية المداخيل ولا العكس باستنزاف ميزانية النادي... ولبقية الفروع نصيب لم يقتصر الارتباك على فرع كرة القدم بل امتدت العدوى الى بقية الفروع ومنها كرة الطائرة الذي فقد تدريجيا اشعاعه وهو الذي ظلّ على امتداد تاريخ الترجي المشع مصدرا لفخر وألقاب ترجية بالجملة، واذا ما كان الاستثناء الجميل قادما من فرع كرة اليد، فان ما استقته مصادرنا يشير الى امتعاض يعلو عديد الأسماء البارزة ممن استاءت من حكاية تسلّم أسماء معينة لأموال "تحت الطاولة" أكثر من العناصر البارزة والتي تقدّم الاضافة الحقيقية..وهذا ما يفترض من المدب ومن ورائه قيس عطية وبقية المسؤولين الانتباه اليه حتى لا يتضخم مثل كرة الجليد التي تحيط بأسوار حديقة علت سابقا عن مثل هذه التفاصيل والمؤثرات... هذا تاريخ الترجي الذي كان ولا يزال مؤشرا للزعامة والريادة ..ولن يتسنى طبعا الحفاظ على هذا "البرستيج" الا بدعم مواطن القوة حتى وان تضاءلت.. والكشف بكل دقة عن الهنات والنقائص في مختلف الاختصاصات حتى لا يصير الاحتفال الجماهيري بشموع عيد ميلاد الجمعية بمثابة الشجرة الكبيرة التي تحجب غابة كثيفة من المشاكل والهواجس وتغطّي بقاع الظلام في حديقة المرحوم حسان بلخوجة...

طارق العصادي